احزروا من تصنع الاحزان

كتبت عزة عبد العزيز
يروى أن عروة بن الزبير قطعت رجله لمرضٍ أصابه
وفي نفس اليوم توفي أعز أبنائه السبعة على قلبه بعد أن رفسه فرسٌ ومات.
فقال عروة : اللهم لك الحمد، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
أعطاني سبعة أبناء وأخذ واحداً، وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً إن ابتلى فطالما عافى , وإن أخذ فطالما أعطى، وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة.
ومرت الأيام.. و ذات مرة دخل مجلس الخليفة، فوجد شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر.
فقال الخليفة: يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته.
قال عروة : ما قصتك يا شيخ؟
قال الشيخ : يا عروة اعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ
وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً، فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي، وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفل صغير وبعير واحد.
فهرب البعير فأردت اللحاق به , فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه، فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي؛ فهشم وجهي وأعمى بصري!
قال عروة: وما تقول يا شيخ بعد هذا فقال الشيخ: أقول اللهم لك الحمد ترك لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً.
هذا هو الصبر بحقٍ وحقيقة، هؤلاء من بشرهم بقوله { إنما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب }
وأحدنا يزعجه ويجزعه ما لا يذكر، وهو مُنعَمٌ مُنَعَّمٌ
بأشكال وألوانٍ شتى.
إيّاكَ أن تتصنَّعَ الأحزانَ
كيما يمدّك من فيضِه خَزّانا
“لا تمارضوا فتمرضوا”
“لا تكثر من الشكوى فيأتيك الهم، ولكن أكثر من الشكر تأتيك السعادة”